الفكرة الإستثنائية التي قدمها الفنان
كاظم الساهر في أغنيته الوطنية الجديدة “بيت الحبايب” تلفت النظر إلى
الطريقة التي ناجى فيها الساهر أبناء وطنه من مختلف الطوائف والمنابت والأصول،
فكاظم صور إشتياق أبناء العراق لتراب وطنهم المعذب والذي تتوالى عليه النكبات منذ
تأسيسه بموسيقى تستند روحياً إلى المقامات العراقية العريقة، فاتحدت عبقريته
اللحنية مع كلمات لا تقل عبقرية للشاعر كريم العراقي الذي صاغ مفردات إشتياق
العراقيين بحرفية الشاعر وبإحساس الملتاع لمعانقة هواء الأرض التي تنفسها صغيراً
منذ نعومة أظفاره.
لا شيء ينقص الاغنية التي ذاعت بين
جمهور الساهر، سوى أن تصور ككليب، فكاظم خلال موسيقى الأغنية التي وزعها الدكتور
فتح الله احمد، يأخذ السامع إلى أجواء التراث العراقي، فلا ضير اذا استعان
بالفنانين المتواجدين في تمهيد الاغنية ليظهروا معه في مقهى قديم، وكأنهم يستمعون
لاحساس ناظم الغزالي الخالد، ومناجاة محمد القبنجي الخالد أيضاً، في استعادة شكلية
لأجواء كليب “تتبغدد علينا من إخراج حسين دعيبس”.
بإمكان الساهر ان يظهر ومعه
المجموعة التي ناجت بغداد وباقي المدن بلوعة المشتاق: في أغنية مصورة لأنه بات
لازماً في عصر الصورة أن يخلد أي عمل في ذهن المشاهد ليكتمل مشهد الشوق في صورة
درامية تتحد في حظن الوطن المُغترب عنه بفعل الويلات التي عصفت به.
أن يشدو الساهر: إن ضاع العراق/
فلا حياة ولاشمس ولا قمر هناك/ في صورة درامية تملأ عين المشاهد، يعني أن يعيش
الناظر للعمل الحالة المقصودة بدون فلسفة التأويلات ودون الخوض في الصراع الطائفي
الدائر حالياً، ليكون الساهر موحداً للعراقيين من مختلف منابتهم كحالة إجماع كما
هو الحال بصوت أم كلثوم التي توحد بصوتها المصريون والعرب جميعا وكما هي فيروز
التي توحد بصوتها اللبنانيون كيفما اختلفوا واينما حلوا.
اكرر القول: ان امتزاج الساهر
بموسيقاه وصوته وعاطفته الجياشة مع أشعار المبدع كريم العراقي اخرج للجمهور عملاً
غنائياً متكامل الأضلاع حيث تساوى إحساس الطرب بشجاعة الكلمة برهافة الحس الموسيقي
للخروج بعمل يبقى في ذاكرة الجمهور المعني بهذا الشكل من الغناء ، ليكون له مكان
في مكتبة الأغنية العربية القيمة.
وعليه فهذه دعوة للقيصر أن
يقوم بتصوير الأغنية ككليب لينقش عليه سحره وولاءه لوطنه الذي هو جزء من وطن العرب
جميعاً.