تحت شعار “الفنانون الأمازيغ يرحبون بموسيقى العالم” نُظمت في مدينة أكادير المغربية، بين 27 و30 يونيو الماضي الدورة التاسعة لمهرجان تيميتار (علامات وثقافة). هذه التظاهرة الفنية أقيمت برعاية العاهل المغربي وُشارك فيها فنانون عالميون كبار مثل كاظم الساهر وموري كونتي والمجموعة الأمريكية Earth Wind And Fire، بالإضافة إلى العديد من النجوم الآخرين وحوالي 400 فنان من المغرب والجزائر وأنغولا وكولومبيا وكوريا الجنوبية وإسبانيا والولايات المتحدة وجزر الكرايب وغيرها. وكان لعشاق تيميتار أيضاً موعد مع العديد من الفنانين الأمازيغ وعلى رأسهم المجموعة الرائدة “إيزنزارن” التي أتحفت الجمهور بألبومها الجديد “أرض” الذي أنتجته جمعية تيميتار.
وقدم المهرجان هذه السنة أكثر من ثلاثين حفلاً على ثلاث منصات أقيمت في ساحتي الأمل وبيجوان ومسرح الهواء الطلق في المدينة، وإستقطب أكثر من نصف مليون متفرج من مختلف الجنسيات والأعمار. ومنذ ولادته، استطاع مهرجان تيميتار أن يشكل له هوية خاصة مبنية على التنوع والإنفتاح والسعي لمد جسور التواصل بين الشعوب والثقافات. وقد أقيم هذه السنة ولأول مرة في ظل الدستور المغربي الجديد الذي كرس اللغة الأمازيغية كلغة رسمية في البلاد.
وخلال تغطيتنا لدورة هذه السنة التقينا بإبراهيم المزند، المدير الفني لمهرجان تيميتار، وكان لنا معه اللقاء التالي :
* ما الجديد الذي قدمه المهرجان هذا العام؟
– يحاول مهرجان تيميتار سنويا إرضاء الاف المتفرجين محاولا أن يقدم لهم أفضل ما تم إنتاجه خلال السنة الفائتة من الموسيقى الأمازيغية في المغرب وفي جميع بلدان شمال أفريقيا، بالإضافة إلى دعوته لفنانين عرب وعالميين كبار للمشاركة في فعالياته. ويجب أن لا ننسى بأن شعار المهرجان هو أن “الفنانون الأمازيغيون يرحبون بموسيقى العالم”.
وهذه السنة كان هناك أيضا ورشات مهمة جدا، واحدة منها تمخضت عن عمل موسيقي بعنوان اينونو انيا، وهو عبارة عن لقاء فني جمع بين الموسيقى الأمازيغية والموسيقى الكاناكية من جزر كاليدونيا الجديدة. كذلك أنتج المهرجان هذا العام البوم “اكال” لمجموعة ايزنزارن الأمازيغية، إلى آخره.
* برنامج المهرجان منوع جدا فهو يجمع ما بين الموسيقى التقليدية جدا والموسيقى الحديثة جدا مرورا بالطرب العربي الأصيل. ما هو الخط الذي تتبعونه في برمجتكم الموسيقية؟
– كل فضاء من فضاءات المهرجان الثلاثة له لون محدد. فعندما انطلق المهرجان عام 2004 أردناه أن يكون مهرجانا عائليا يجمع بين مختلف أفراد الأسرة من كبيرها إلى صغيرها. لذلك فتحناه على جميع الأذواق منذ الدورة الأولى وأعطينا لكل فضاء صبغة محددة. فمسرح الهواء الطلق خصصناه للحفلات التي تستدعي قربا بين الفنان والحضور وتتطلب نوعا من الحميمية، فبرمجنا فيه هذه السنة مثلا عائشة رضوان والمجموعة الكورية، وفي السنوات الماضية مارسيل خليفة ولطفي بوشناق. أما ساحة الأمل فقد خصصناها للأسماء العالمية الكبيرة التي تجمع بين مختلف شرائح المجتمع وترضي كل الأذواق. وأخيرا خصصنا فضاء بيجوان للحفلات التي تستلزم حوارا بين الفنانين والشباب. مهرجان تيميتار ينطلق إذا من الفن الأمازيغي نحو العالم، وهو في الوقت ذاته منفتح على جميع الأشكال الموسيقية من التقليدية إلى الحديثة.
* منذ سنة، كرس الدستور المغربي الجديد اللغة الأمازيغية كلغة رسمية في المغرب. ما هو الدور الذي لعبه ويلعبه مهرجان تيميتار في هذا الإطار؟
– حتى قبل إقرار اللغة الأمازيغية كلغة رسمية في المغرب، ساهم مهرجان تيميتار بشكل قوي وفعّال، وبطريقة علمية، ثقافية وحضارية بالتعريف بالثقافة الأمازيغية، وأعطى الفن والإبداع الأمازيغي ديناميكية جديدة سامحا له بالظهور بصورة عصرية وحديثة، مختلفة عن الصورة الفولكلورية التي كانت مُرتبطة به. واليوم بعد سنة من الإعتراف باللغة الأمازيغية كلغة رسمية في البلاد، أصبحت هذه الديناميكية أقوى ومستوى الإنتظارات أعلى، وغدا عمل المبدعين، المثقفين والمجتمع المدني أكثر أهمية. وفي هذا الإطار، يلعب المهرجان اليوم دورا أكبر في إظهار البعد العصري والحضاري للثقافة الأمازيغية التي هي إحدى ركائز المجتمع المغربي وهويته.
* المهرجان بفضاءاته الثلاثة مفتوح مجانا للجمهور. كيف تتم تغطية تكاليفه؟
– كل مهرجان يحتاج إلى موارد مهمة من الناحية المادية والبشرية. ويقر الجميع اليوم بأن المهرجانات الثقافية تُساهم بشكل كبير في تنمية المجتمعات التي تُقام فيها من الناحية الثقافية والسياحية والإقتصادية. ولهذا السبب يلاقي مهرجان تيميتار دعما من الجهات السياسية (جهة سوس ماسة درعا ومدينة أكادير والفاعلين السياحيين) بنسبة 40%، والدعم المتبقي يأتيه من المؤسسات الراعية. وهذا ما سمح له بفتح أبوابه مجانا مجانا، وبأن يصبح بالنسبة لمتتبعيه عيدا سنويا يمكّنهم من اللقاء بالفنانين الأمازيغيين والعالميين.
* جمعية مهرجان تيميتار تُنظم فعاليات أخرى خلال السنة إلى جانب المهرجان. ما هي هذه الفعاليات؟
– رغم أن جمعية مهرجان تيميتار ما زالت شابة، فقد ساهمت بشكل كبير في خلق ديناميكية ثقافية في مدينة أكادير والمنطقة بكاملها. فهي تعمل خلال السنة على دعم الإبتكار، وتنظيم لقاءات بين فنانين محليين وأجانب، وإقامة ورشات تدريب وانتاج أشرطة موسيقية، الخ.
* تُنظم في المغرب مجموعة كبيرة من المهرجانات سنويا، ما موقع مهرجان تيميتار من هذه المهرجانات؟
– المجتمع الذي يُنظم مهرجانات كثيرة هو بالنسبة لي مجتمع سليم وآمن. فعندما يذهب الآف المتفرجين لحضور مهرجان ما بإمكاننا اعتبار الأمر مهما جدا، وخصوصا في عالم اليوم المنغلق على نفسه رغم الأنترنت وكل وسائل الإتصال. إن هذا النوع من المهرجانات يساهم إذا في صحة البلد، ومهرجان تيميتار فرض نفسه اليوم في المغرب. فمكانته قوية وهو واحد من أهم خمس مهرجانات في البلد. إنه نافذة العالم على الثقافة الأمازيغية.