بعد أن بات موعده كل ليل أحدٍ، إنتظر البارحة الآلاف حلقة جديدة من برنامج “حديث البلد” مع الإعلامية مُنى أبو حمزة، وبينما تابع المشاهدون طوال أسبوع كامل إعلان الحلقة الجديدة التي يحل عليها ضيفاً الوزير السابق وئام وهاب، فوجىء هؤلاء بإعادة الحلقة السابقة، ليُعرف لاحقاً أن وهاب طلب من أبو حمزة وإدارة الـ MTV لطفاً عدم عرض حلقته لأنه وفي صباح اليوم ذاته شُيّع أحد أنصاره إثرَ شجار وقع في منطقة بقعاتا الشوفيّة، وكانت لا تزال دماء الشاب العشريني جاد البعيني وهو من أبناء الجيش اللبناني، تسيلُ على الأرض وشقيقه بين الحياة والموت بسبب الحادثة نفسها وفِتنة كُبرى تهدد الجبل ويحاول الجميع لملمتها، وإن على حساب الحزن والدم ودموع الأم الثّكلى..
إذاً، وئام وهاب إرتأى ألا يراه الناس في تلك الليلة وفي تلك الحلقة المسجّلة وهو يضحك ويغني بعفوية، بل شاء أن يحترم حُرمَة الموت الذي يجوز أن يقال إنّه وقع في بيته وقد قوبل طلبه بالموافقة من قبل الـ MTV ومنى أبو حمزة.
إلى هنا الخبر عادي، إلا أن بعض الأصوات خرجت تندّد: “شو خَصْنَا”، و : “ما ذنبُ أربعة ملايين لبناني يريدون مشاهدة التلفزيون وهو وسيلة ترفيه”، وغيرها من العبارات التي أوحَت لنا بأن الـ MTV أقفلت أبوابها ووضعت نشيد الحداد على روح الفقيد، بينما كان كل ما فعلته أن عرضت حلقةً سابقة من البرنامج نفسه!
هؤلاء محقّون، فالحياة لا تتوقف عند أحد، لكنني أذكرُ يوماً كنا فيه نقفل أجهزة التلفزيون في بيوتنا إن مات جارُ جارِنَا وأرى يوماً صار فيه شبّاننا يمرّون من أمام المقابر أو المآتم وهم يرفعون صوت الموسيقى ويتراقصون.. إذاً هي مسألة ثقافة مُنحَدِرَة تدفع بالبعض ليصرّ على تجاهل الآخر بألمه ودمه وحزنه وموته، فأي هاويةٍ نحن قادمون عليها؟!