صُودف أنني كنت أدردش عبر الـ Skype مع إبنة خالتي في أميركا، وأشاهد التلفزيون في آن معها، فقط لنشعر بأننا نعيش في البيت ذاته، فقدمُها لم تطأ في أرض الأرز منذ أعوام طويلة..
بينما كنا نتابع التلفزيون معا، بدأت الإعلانات ومعها إعلان عن الدجاج ترافقه موسيقى وأغنية دبكة، فقالت إبنة خالتي: “ييه، الدبكة للدجاج؟!”
هي معذورة إذ أنها لا تعرف، لكن كل ما تعرفه هو أن الدبكة أمر مهم لنا كعرب وكلبنانيين على وجه التحديد، لذا إستغربت حين اعتقدت بأن الدبكة = الدجاج!
أعرف أن كثيرين يفكرون الآن في سرهم: “شو فايقة ورايقة”! العالم العربي يغلي على بركان وكاتبة هذا المقال تفكر في إسترجاع حقوق الدبكة المهدورة من أخونا الدجاج المذبوح! لكن أنا حرة، طالما سياسيونا العرب ومن يدير اللعبة العالمية أحرار حول التوقيت الذي يقيمون فيه الأرض حولنا ويقعدونها، وطالما تختار وزارة الطاقة الكريمة في لبناننا أن تنقطع الكهرباء مع كل “رَعدِة”، فأنا حرة في أن أدافع عن الدبكة وأن أنتصر للدجاج المذبوح الذي لا يستحق دبكة بل “ندبة”!
وكي لا أحلل على ذوقي، إتصلت بالشاعر ورئيس الساسيم السابق الأستاذ الياس ناصر، وشرحت له وجهة نظري، فقال لي: التفاهات كثيرة هذه الأيام والجميع يشوهون التراث ويسرقون الدبكة وأتصور أن تجير الدبكة للدجاج، فأفضل بكثير من الأغنيات التي تشوه الدبكة اليوم، “ما وقفت عَ الدجاج”! وتابع: أنا ضد الفكرة، رغم أنها ليست ممنوعة، لكنها مُعيبة..
وسألتُ أستاذ ناصر: في السابق إستَخدمت إحدى الشركات أغنية للسيدة فيروز لإعلان حفاضات واليوم يستخدمون الدبكة للإعلان عن الدجاج.. (يقاطعني ويقول):
– الدبكة فلكلور عربي لكننا شيعناها في لبنان وليس لدينا تراث إلا الهوارة و”يا غزيل يا بو الهيبة”، التي لم يعرف من أطلقها.. على الجمهور أن يعرف بأن نوعا من الفن لا يصبح تراثا أو فلكلورا إلى بعد 50 عاما على وفاة آخر شخص إشترك في العمل من مؤلف أو ملحن أو ناشر، ما يعني أنه حتى السيدة فيروز والرحابنة ليسوا فلكلورا أو تراثا بعد! لكن هذا لا يعني أنه مسموح بأن تستخدم أغنية للسيدة فيروز في أي إعلان ما، إلا بعد أخذ الإذن من مالكيها وأصحاب حقوقها!
وإختتم ناصر: لا يجوز أن تُجير الدبكة إلى الدجاج، خصوصا أننا نميزها في لبناننا، لدرجة أنها تختلف من منطقة إلى أخرى، فالدبكة البقاعية تختلف عن تلك التي في الجنوب وغيرها! “ما بيجوز”!