الصراحة في شخصيتها صادمةٌ أحياناً، فهي صاحبة إجابات لا تتوقعها ومميزة في حوارها كما تميّزت على شاشاتنا العربية التي نصّبها متابعوها نجمة ممثلة من الطراز الرفيع..
إلتقينا بالممثلة ديما بيّاعة المقيمة في الإمارات، فكان لنا معها هذا الحوار:
– في صغرك، هل كنت تقفين أمام المرآة وتقلدين الأقرباء أم أنك لم تعيشي هذه المرحلة؟
عشت هذه المرحلة، لكنني لم أكن أقلد أحداً.. كنت أشارك في كل الحفلات والمسرحيات في مدرستي وكنت دوماً في غرفتي أتخيّل أن الستارة هي المسرح فأقف وراءها، أفتحها وأحيي الجمهور.. كان دَوماً عندي هذا الهوس أن هناك جمهوراً يراقبني ويشاهدني، ويصفّق لي..
– وجهك طفولي وأنت أم لطفلين هما ورد وفهد.. هل تعيشين طفولتك معهما من جديد؟
أكيد، كل أم تشعر بذلك.. لكن هذه الفترة تعيشينها بشكل ثانٍ.. ما يعيشُه أطفالنا اليوم، لم نعشه.. هم مدللون أكثر بكثير وصار عندهم التكنولوجيا التي تسلّيهم وصاروا أكثر إنفتاحاً ولديهم مطالبهم.. يجبروننا أن نخرجهم وقبل كنا نخاف إذا أردنا أن نطلب الخروج في مشوار.. لكن، رغم ذلك، أتمنى لو كان أولادي يعيشون في الزمن الماضي رغم الإنفتاح، لكن البساطة كانت أحلى ولها طعم ثاني.. كنا نستمتع بالأمور أكثر، أما الآن فأطفالنا يملكون كل شيء، وبالتالي فقدت الأمور قيمتها بالنسبة لهم..
– هل تحصر الأمومة خياراتنا في الحياة، لأن أولادنا يصبحون الأولوية؟
ببعض الأحيان طبعاً.. “الله يخليلي ياهن”، لكن أفكر كثيراً حين يأتيني عرض عمل قبل أن أوافق عليه لأنني سأبتعد عنهم.. قبلاً لم أكن أفكر بذلك.. أحياناً يحلم الفرد بأن يحزم أمتعته ويسافر فجأة، لكن حين تكونين أمّاً تستفيقين من الأحلام ليضربك الواقع من جديد (تضحك)..
– تقول لنا أمهاتنا وآباؤنا حين نكون عازبين: لن تعرفوا قيمة الأم والأب حقاً إلا حين تنجبون.. ما رأيك؟!
صحيح مئة بالمئة، لم أشعر بأهمية أمي في حياتي، إلا حين صرت أماً.. كنت أعارضها وأطالب بالحرية وأن أكون سيدة قراراتي، والآن أعرف أنها كانت مُحقة لأنها كانت تخاف عليّ أكثر من أي شيء في الدنيا.. عسى الله ألا يحرم أي إمرأة من شعور الأمومةن لأنه الأجمل على الإطلاق!
– يقول تيم حسن عن إنفصالكما: الزواج نصيب والطلاق قرار.. هل توافقينه الرأي؟
(ترددت في الإجابة، ثم قالت): لا أريد الإجابة!
– فلنأخذ الموضوع من ناحية أخرى.. ماذا لو كنا نتحدث عن ثنائي آخر غيركما أنتما.. هل توافقين أن الزواج نصيب والطلاق قرار؟
لا أوافقه الرأي لأن كليهما نصيب وكليهما أيضاً قرار.. الله لا يكتب لنا أن نتزوج دون قرار مُسبق. الفكرة تجوز على الجهتين.. “معليش ما نحكي عنّو”.. الرجال يرَون الأمور من منظار مختلف عن النساء.. حين تصل المرأة إلى قرار الطلاق، فهي تكون قد ضحّت بالكثير! الطلاق قرار غير سهل بالنسبة إلى المرأة بل سهل بالنسبة إلى الرجل..
– لكنكما لا تزالان صديقين؟
نحن أصدقاء كرمى لأولادنا.. حين كنا متزوجين، لم أكن أتحدث عن حياتنا الشخصية، فهل أتحدث عنها الآن؟! أكِنُّ له كل الإحترام وفي النهاية الأولوية لأولادنا!
– فلنبتعد عن العائلة، لندخل عالم التمثيل الذي تبرعين فيه.. ما هي الأدوار التي قد ترفضينها سلفاً؟
أرفض النصوص بعد أن أقرأها، لكنني لا أرفض أدواراً بالمطلق قبل قراءتها، لأن كل شخص يشرح لك النص من منظاره.. يهمني النص أولاً والمخرج أيضاً.. هناك مخرجون شخصياتهم ليست قوية أو قيادية، لذا يقبولون بأي إقتراح من أي ممثل، وهنا تعمّ الفوضى.. لكن، هذا لا يعني أنني أحب أن أعمل مع ديكتاتوريين، بل أحب النظام!
- تقولين في إحدى لقاءاتك: لا أزال أرى نفسي هاوية في مجال التمثيل.. هذا تواضع دون شك، لكن هل تقولين ذلك ربما كي تستمري بالاستمتاع بالتمثيل ولا تنظري ليه على أنه “مهنة”؟!
أحب التمثيل وأراه هواية عندي، ولا أشعر أنه العمل الذي أعتاش منه.. التمثيل فن وهو play وتستمتعين به، ولو أردت أن أنظر إلى مهنة التمثيل كواجب، لما فرحتُ بالقيام بها! حين يُعرض عليّ دور أحبّه، أناقش أجري، كما وأنني في جميع الأحوال لا أفرض نفسي بطلة على أحد.. أحياناً أرفض نصوصاً مهمة، بسبب مزاجي، فأنا صاحبة مزاج.. العام الماضي لم أقدم أي عمل لأنني فعلياً بعدما خرجت من سوريا وأتيت إلى دبي و”تلخبطت” الأوضاع، كانت نفسيتي متعبة، وأعطيت وقتي لأولادي..
– من يلفتك من الممثلات والممثلين السورييين؟
كثيرات، وأنا سعيدة لأن لدينا مواهب كُبرى منها من الكبار سمر سامي ومنى واصف.. ومن جيلنا تاج حيدر وديما قندلفت، نادين تحسين بك، صفاء سلطان، سلاف فواخرجي.. ماشاء الله، هم كثر.. أفرح كثيراً لهم لأن لكل منهم شخصيته ولا يقلد الآخر.
– ممثلات كثيرات وحتى الأجنبيات منهن أمثال أنجلينا جولي (تقاطعني)
لا أحبها كممثلة.. هي إصطناعية جداً، مؤخراً تحسنت، لكن كل أفلامها السابقة كانت تعتمد على شكلها. لا يمكن أن أشاهد لها فيلماً على عكس شارليز ثيرون وميريل ستريب.. ولو خيّرتني بين براد بيت وجوني ديب، لاخترتُ جوني!
– أتيتُ على سيرة أنجلينا لأسألك إن كان هناك إحتمالٌ أن تحذي حذوها في الكتابة والإخراج والإنتاج..
يمكن أن أقدم عملاً من كتابتي، وربما من إنتاجي، لأننا نحن الممثلون الأدرى بالمشاكل الإنتاجية، لكنني لا أرى نفسي في الإحراج..
– أي مشاكل إنتاجية تقصدينها؟
للأسف، أغلب منتجينا سمعتهم ليست جيدة بالتعامل مع فريق العمل..
– أي مع الممثلين؟
لم أقصد الممثلين، فالمنتج يحتاجني، لذا هو مُحبر على التعامل معي بإيجابية وعلى تأمين مطالبي، لكنك تعرفين المنتج الجيد من ذاك السيء من طريقة تعامله مع باقي طاقم العمل من المكايور والكوافير إلى بقية العاملين.. أصاب بإحباط كبير حين أرى عاملاً في مسلسل أو فيلم يشكو من قلة الدفع.. هذه أمور تقهرني وتؤثر عليّ سلباً!
– الأعمال التي تتضمن ممثلين من أكثر من دولة عربية، أثبتت نجاحها ونجاح تلك الخلطات العربية، كيف تفسرين الأمر من وجهة نظرك كخبيرة في هذا المجال؟
لأننا بحاجة للوحدة العربية التي لا نجدها في السياسة، لذا أحببناها في الفن! أفرح حين أرى عملاً يجمع مختلف الجنسيات لأنه يعطيني فخراً، أن هناك شركة منتجة نجحت بأن تجمع كل هؤلاء..
– هل تابعت مطلوب رجال لجومانا مراد. نود أن نعرف رأيك؟
حضرته، لكنني لم أحبّه، وكنت قد قرأته قبلاً على الورق..
– قرأته يعني أنه عُرض عليكِ؟
قرأته و “خلص”! هو مأخوذ عن عمل مكسيكي، لم أحبه ولا أعرف لماذا وربما كان ممكن أن يصوّر بشكل أفضل وأن يكون النص أغنى والإيقاع أكثر سرعة، لكنني أحب جومانا مراد..
– هل تتابعين الأعمال التركية، ولماذا برأيك نجحت حين دُبلجت إلى العربية باللهجة السورية وليس بلهجة سواها؟!
دبلجتُ إحدى المسلسلات بصوتي مرة، وأعتقد أن الدراما التركية نجحت باللهجة السورية، لأننا الأقرب إلى الأتراك ونتقاسم الكثير من العادات والتقاليد، لذا فنحن نعيش قصصهم وكأنها قصصنا.. لا يمكن أن تتخيلي مسلساً تركياً مدبلجاً إلى اللهجة المصرية، أضيفي على ذلك أن الإخراج في الأعمال التركية ممتاز وطريقة عملهم منظمة وهم ينفذون أعمالهم كما يفعلون في أميركا، أي يصوّرون ستّة حلقات ويتابعون ردود أفعال الجمهور وبناء عليها، يعطون مساحة أكبر لهذا الممثل أو ذاك.. أما في عالمنا العربي، فيختفي ممثل فجأة من مسلسل، لنكتشف لاحقاً أن الشركة المنتجة رفضت زيادة أجره، مع أنه أساسي في العمل!
– الربيع العربي الذي أراده العرب ربيعاً، هل ترين أنه صار خريفاً أم أن الثورات العربية نجحت في مكان ما؟
“ضاربني العمى”، أراه صيفاً، كوني أعيش في دبي والطقس مشمش هنا على الدوام! أتمنى الخير لكل الناس ولا أحب أن أحكي في السياية لأنني لا أفهم فيها، وحين أعطي رأيي أخاف أن يتم نسبي إلى أشخاص وأشخاص.. أتمنى أن يعود الأمان لسوريا وأن تكون مصر بخير بعد إستلام مُرسي للحكم وأتمنى لتونس وليبيا والعراق كل الخير..
– لماذا اعتذرت عن مسلسل “ولادة من الخاصرة”؟
لأن تصويره صودف مع تصوير “صبايا” مع أنني أعشق العمل مع المخرجة رشا شربتجي،كما واعتذرت عن “بنات العيلة” للسبب ذاته..